بسم الله الرحمن الرحيم
عقد مركز المقاصد للدراسات والبحوث عدة لقاءات، بحضور متخصصين وخبراء في الشريعة والقانون قصد الإسهام في تقديم مقترحات حول صياغة مواد مدونة الأسرة، بناء على مخرجات لجنة المراجعة ورأي المجلس العلمي الأعلى. وفيما يأتي عرض للجزء الأول من المقترحات:
مواد الأبناء غير الشرعيين، ومواد الحضانة والنيابة الشرعية
أولا: بخصوص تحميل الأب كالأم المسؤولية عن حاجيات ولد الزنا دون إثبات نسبه:
ذهب المجلس العلمي الأعلى إلى رفض إعطاء النسب لولد الزنا لمخالفته الدستور (الفصل 32 منه)، ولما يترتب عن إعطاء النسب في هذه الحالة من هدم مؤسسة الأسرة وخلق أسرة بديلة بشكل يؤدي إلى تفكيك روابط المجتمع، ويفرغ الفصل 32 من دستور المملكة الذي يجعل من الأسرة القائمة على رابطة الزواج الشرعي الخلية الأساس للمجتمع، من روحه ومحتواه.
وانسجاما مع رأي المجلس العلمي الأعلى، نقترح تعديل المادة 148 وإضافة فقرتين ثانية وثالثة إليها لتصبح صيغتها كالآتي:
المادة 148:
لا تترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب آثار البنوة الشرعية.
ويتحمل الأب بمفرده في حال الاغتصاب كامل المسؤولية في الإنفاق عن الولد الناتج عن هذه العلاقة غير الشرعية والوفاء بحاجياته، بينما يتقاسم الأب والأم في حال الزنا المسؤولية عن ذلك، والكل إلى حين قيام موجب سقوط النفقة.
وتحدد المحكمة في حالة الزنا مقدار مساهمة كل من الأب والأم حسب وسعهما في نفقة الولد وتغطية حاجياته.
ثانيا : بخصوص الحضانة:
من الإنصاف أن نبادر إلى تقرير أن المدونة الحالية عالجت موضوع الحضانة وأولته أهمية بالغة وعملت على تعزيز أحكامها بما يصون حقوق المحضون ويحفظه مما يضره قدر المستطاع، والقيام بتربيته ورعاية مصالحه، انطلاقا من كون الحضانة تتعلق بذات الطفل، شرعت لتوفير الوسائل التي تساعده على أن ينمو بشكل سليم جسديا ونفسيا بتغذيته وضمان وقايته وتربيته بتعليمه وتأهيله أخلاقيا وروحيا.
والحضانة أثناء قيام الزوجية من واجبات الأبوين كليهما، بحيث يتحملان معا واجب رعاية أطفالهما وتوجيههم والعناية بشؤونهم.
والمناكفات والنزاعات القضائية حول الحضانة لا تبرز وتطفو إلا بعد الفرقة، لذلك قررت المادة 169 من النص الحالي للمدونة أن واجب العناية بشؤون المحضون، يقع على كل من الأب أو النائب الشرعي والأم، على أن لا يبيت إلا عند حاضنته ما لم تر المحكمة مصلحته في غير ذلك، وألزمتهم جميعا برعايته والقيام بشؤونه فيما له علاقة بالتوجيه الدراسي والتأديب، كما نصت على مراقبة المحضون فيما يرجع للواجبات المدرسية، وهو توجه سديد نقترح معه الإبقاء على صياغة المادة 169 على حالها مع تغيير بسيط ينصرف إلى إبدال لفظ: “القاضي” بلفظ “المحكمة” وحذف عبارة “أو النائب الشرعي“ليصير منطوق المادة كالآتي:
المادة 169:
على الأب والأم الحاضنة واجب العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي،
ولكنه لا يبيت إلا عند حاضنته، إلا إذا رأت المحكمة مصلحة المحضون في غير ذلك.
الباقي لا تغيير فيه.
* وبخصوص المادة 170 واعتبارا للآثار الخطيرة للمنازعات المتعلقة بالحضانة استحقاقا وإسنادا أو إسقاطا، ولما في انتقال المحضون من حاضن إلى آخر من تأثير على تماسكه النفسي واستقراره الأسري والتربوي وتحصيله الدراسي، ومن انعكاس على تماسك واستواء شخصيته، وانسجاما مع ما أقرته المادة المذكورة لمؤسسة القضاء من صلاحية إعادة النظر في الحضانة كلما تعلق الأمر بمصلحة المحضون، سواء في عودة الحضانة لمن سقط حقه فيها، أو في إسنادها لأحد الأقارب، فإننا في المركز نقترح إضافة مادة مستقلة عن المادة 170 تصاغ على الشكل:
المادة 170 مكرر:
يتعين على المحكمة عند زواج الأم الحاضنة، أو عند النظر في طلب إسقاط الحضانة ممن هي بيده وإسنادها إلى غيره أو في عودتها لمن سبق وسقط حقه فيها، إجراء بحث معمق بواسطة النيابة العامة حول ظروف الحاضن المحتمل، مع انتداب مساعد(ة) اجتماعي(ة) لإجراء بحث اجتماعي مفصل لتنويرها بشأن الظروف المحيطة بالمحضون في الوسط الذي يعيش فيه مع حاضنه وتلك التي يوفرها الوسط المراد نقله إليه، ليتأتى للمحكمة تقدير ومراعاة مصلحته قبل البت في الطلب.
المادة 171 مكرر:
قبل تسطير ما له علاقة بإضافة المادة 171 مكرر، ننوه إلى أن ترتيب الحاضنين المنصوص عليه في المادة 171 من مدونة الأسرة يعطي الأولوية في الحضانة للأم، ثم الأب، ثم أم الأم، وإذا لم يوجد من بين مستحقي الحضانة من يقبلها، أو وجد ولم تتوفر فيه الشروط اللازمة أو وقع خلاف حولها، رفع الأمر إلى المحكمة ممن يعنيه الأمر، أو من النيابة العامة باعتبارها طرفا رئيسا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام المدونة، وذلك للبت وفق ما تقتضيه مصلحة المحضون في إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية لذلك، أو إلى إحدى المؤسسات المؤهلة عند الاقتضاء.
وفي هذا الصدد، نشدد على مقترح بالغ الأهمية بالصيغة الآتية:
المادة 171 مكرر:
تتحمل الدولة مسؤولية إنشاء أو التعاقد مع مؤسسة مؤهلة لإيواء ورعاية وحضانة الأطفال الذين لا يتم الوقوف على من يصلح لحضانتهم أو على من يقبل القيام بشؤونها، وتعهد بإدارتها وتسييرها لأطر كفؤة تتوفر على جميع شروط الحاضن المنصوص عليها في المادة 173 بعده، وعلى القدر الكافي من المؤهلات للنهوض بما تقتضيه التنشئة السليمة والمصلحة الفضلى لهؤلاء الأطفال، عملا بمقتضيات الفصلين 32 (الفقرة الثالثة وما يليها) و169 من دستور المملكة، والفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 54 من هذه المدونة.
المادة 175 :
حسب نص المادة 175 المعمول به حاليا، فإن زواج الأم الحاضنة أو حصول عذر لها لا يؤدي بصفة آلية إلى سقوط حقها في الحضانة، إذ لا بد من مراعاة مصلحة المحضون، وخاصة إذا كان صغيرا لم يتجاوز سبع سنوات، أو كان من المحتمل أن يلحقه ضرر من فراقها، أو إذا كانت به علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غيرها، وتثمينا لتوجه المجلس العلمي الأعلى بخصوص احتفاظ الحاضنة بحضانة ولدها بعد زواجها من غير والده، نقترح صياغة المادة 175 كما يلي:
المادة 175:
اعتبارا لمصلحة المحضون ومع مراعاة أحكام المادة 170 مكرر أعلاه والمادة 236 بعده، فإن زواج الحاضنة الأم لا يسقط حضانتها في الأحوال الآتية:
1- إذا كان المحضون صغيرا لم يتجاوز سن التمييز (12 سنة) (أو العاشرة من عمره على الأقل)، أو يلحقه ضرر من فراقها؛
2- إذا كانت بالمحضون علة أو عاهة تجعل حضانته مستعصية على غير الأم.(كحالة الأطفال المصابين بداء التوحد، أو بأمراض نفسية أو عضوية تستوجب رعاية لصيقة ومستمرة من الأم أو انتظاما في مواعيد إعطاء المحضون دواء وصفه الطبيب المتابع لحالته…).
3- تحذف.( لأنها ستكون نائبا شرعيا)
4- تحذف. .( لأنها ستكون نائبا شرعيا)
الباقي لا تغيير فيه.
ثالثا بخصوص مقتضيات النيابة الشرعية:
أما عن المقتضيات المتعلقة بالنيابة الشرعية المشتركة فإنه من المفيد الإشارة بداية إلى أن موافقة المجلس العلمي الأعلى على النيابة الشرعية المشتركة، كما جاءت بهذه العبارة المقتضبة على لسان السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية دون مزيد بيان ولا توضيح، لا تعني بتاتا أن يتولى الأبوان في آن واحد سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية أو بعد انفصام عراها، شؤون ومقتضيات النيابة الشرعية عن القاصر واحدا أو متعددا، وإنما الظاهر منها أن النيابة الشرعية من واجباتهما معا وفق ضوابط محددة نتولى بسطها في المواد التي نقترح تعديل صياغتها، وهي المواد 231، 235، 236، 238، 239 و240.
والجدير بالذكر أن المشرع في جميع مواد القسم الثاني من الكتاب الرابع من مدونة الأسرة المتعلق “بالأهلية والنيابة الشرعية“، والذي جاء (أي القسم الثاني) تحت عنوان: “النيابة الشرعية“، قد استعمل مصطلح: “النائب الشرعي” أو “النيابة الشرعية“، إلا في مادتين اثنتين: المادة 239 والمادة 265، حيث استعمل في الأولى مصطلح: “النيابة القانونية” وفي الثانية مصطلح: “النيابات القانونية“، ونعتقد أنه اضطراب غير مقصود، وآن الأوان لرفعه إضفاء لنفحة شرعية على كافة مواد القسم المذكور وتحقيقا للانسجام التام بين جميع مواده، وذلك بالاستعاضة عن هذين المصطلحين بالمصطلحين الأصيلين: “النيابة الشرعية” و”النيابات الشرعية“.
وفيما يأتي صياغة المواد أعلاه كما نقترح تعديلها:
المادة 231:
صاحب النيابة الشرعية:
-الأب الراشد؛
-الأم الراشدة بتفويض من الأب، أو عند عدم وجوده بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية؛ أو في حال حصول مانع يمنعه من القيام بمتطلباتها، وكذا إذا تعلق الأمر بمصالح مستعجلة للأولاد لا تحتمل التأخير إلى حين حضوره.
الباقي لا تغيير فيه.
المادة 235:
يقوم النائب الشرعي بالعناية بشؤون المحجور الشخصية من توجيه ديني وتكويني وإعداد للحياة، كما يقوم بكل ما يتعلق بأعمال الإدارة العادية لأموال المحجور.
يجب على النائب الشرعي، ولو كان أبا أو أما، إبلاغ القاضي المكلف بشؤون القاصرين بوجود الأموال النقدية والوثائق والحلي والمنقولات ذات القيمة، وإذا لم يفعل يتحمل مسؤولية ذلك، وتودع النقود والقيم المنقولة بحساب القاصر لدى مؤسسة عمومية للحفاظ عليها بناء على أمر القاضي.
الباقي لا تغيير فيه.
المادة 236:
مع مراعاة أحكام المادة 231 أعلاه، فإن الأب هو الولي على أولاده بحكم الشرع، ما لم يجرد من ولايته بحكم قضائي أو تنفصم عرى الزوجية.
تراعي المحكمة عند البت في دعوى انفصام العلاقة الزوجية، مصلحة المحضون في تحديد نائبه الشرعي.
المادة 238:
يشترط لولاية الأم على أولادها:
1- أن تكون راشدة؛
2- أن يفوضها الأب في ذلك، أو عند وفاته أو غيابه أو فقدان أهليته،أو حصول مانع يمنعه من القيام بمتطلبات النيابة الشرعية؛ وكذا إذا تعلق الأمر بمصالح مستعجلة للأولاد لا تحتمل التأخير إلى حين حضوره.
الباقي لا تغيير فيه.
المادة 239:
لكل متبرع غير الأب والأم أن يشترط عند تبرعه بمال على محجور، ممارسة “النيابة الشرعية” في إدارة وتنمية المال الذي وقع التبرع به، ويكون هذا الشرط نافذ المفعول.
المادة 240:
مع مراعاة أحكام المادة 235 أعلاه، فإن الولي لا يخضع لرقابة القضاء القبلية في إدارته لأموال المحجور، ولا يفتح ملف النيابة الشرعية بالنسبة له إلا إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم (200 ألف درهم). وللقاضي المكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا الحد والأمر بفتح ملف النيابة الشرعية إذا ثبتت مصلحة المحجور في ذلك. ويمكن الزيادة في هذه القيمة بموجب نص تنظيمي.