الرباط في: 4 ربيع الثاني 1447 ه
الموافق ل 27 شتنبر 2025م
انعقد بحمد الله تعالى وحسن توفيقه كما كان محددا ندوة: ” المقاومة المسلحة المغربية إسناد تاريخي للمقاومة الفلسطينية”، وبعد تلاوة آيات بينات من كتاب الله عز وجل، والكلمة الترحيبية التي تفضل بها مدير مؤسسة محيط ومركز المقاصد للدراسات والبحوث الدكتور الحسين الموس باسم الهيئتين ألقى الدكتور مصطفى قرطاح كلمة حول سياق الندوة وبعض مقاصدها، وفيما يلي نص المداخلة، على أن ننشر تباعا تسجيل المداخلات لاحقا في قناة اليوتوب وهنا في موقع مركز المقاصد.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونصلي ونسلم على نبينا محمد، الصادق الأمين وخاتم المرسلين، أيها الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد،
تعيش الأمة الإسلامية على وقع الحرب الوجودية التي تخوضها ضد تحالف الشر بقيادة الكيان الصهيوني المجرم. ولا يخفي هذا التحالف الإجرامي أهدافه من وراء هذه الحرب، ورغبته في اجتثاث الوجود الحضاري للأمة الإسلامية واستئصال مقوماته، من أجل ضمان السيادة المطلقة للكيان الصهيوني على الأمة، والهيمنة التامة على مقدراتها، ومصادرة حاضرها ومستقبلها لصالحه.
وتمثل المقاومة المسلحة الفلسطينية رأس الحربة في مواجهة هذا العدوان، وخطَّ الدفاع الأساس عن الأمة في صده عن تحقيق أهدافه. وقد أبلت البلاء الحسن في هذا الشأن، بالرغم من قلة عددها وضعف عتادها، ساعدها على ذلك قوة حاضنتها الشعبية؛ التي أحاطتها بوعي كبير بمكر العدو ومكائده، وبصبر شديد على ما لقيته من جرائم الإبادة والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية؛ مما سيظل عارا على جبين الإنسانية جمعاء، وفصلا أسود في تاريخها.
ولم تَعُدَّ المقاومة الفلسطينية نفسها في يوم من تاريخها أنها معصومة من الخطأ مُنَزَّهَةٌ عن النقد، ولا حَسِبَهَا مُنَاصِرُوها كذلك، ولهذا يسجل لها إصغاؤها لمنتقديها من أهل العلم والفكر الفضلاء، كما يسجل في ديوان شرفها اعترافها بأخطائها عند حدوث ما يوجب ذلك.
ولكن، تحت ستار النقد وبدعوى مشروعيته، وُجِّهَتْ إلى المقاومة طعناتٌ غادرةٌ من قبل عدو آخر لا يقل عن العدو الصهيوني وحلفائه خطورة وشراسة في كيده ومكره، ولا يدخر جهدا في فت عضدها والتأليب عليها. انبعث هذا العدو من داخل الأمة العربية والإسلامية، يخاطب المقاومة وأنصارها بلسان متشدق بالحرص على المصالح الوطنية، ومُتَقَنِّعٍ بدعاوى العقلانية وحساب موازين القوى ومراعاة الواقع الدولي ومتغيراته، بل إن فريقا من هذ العدو لم يستح أن يُحَدِّثَ الناس بنصوص القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفتاوى العلماء، زاعما أنها تفيده في تفادي المواجهة وإيثار السلامة.

ولا يتوانى هذا العدو يذرف دموع التماسيح على أعداد الشهداء والجرحى، وعلى ما آل إليه الوضع الإنساني نتيجة الحرب، لكنه لا يلقي باللائمة على العدو الصهيوني المجرم وحلفائه، وعلى عجز الأنظمة العربية والإسلامية وتخاذلها وتواطئها، وعلى تقاعس الشعوب وغثائيتها، وإنما يلقيها على المقاومة وصمودها، وعلى ملحمة السابع من أكتوبر 2023م،كأن تاريخ القضية الفلسطينية لم يبدأ إلا مع هذا الحدث، ومن دون أسباب موضوعية لقيامه، إلا تهور المقاومة واصطفافها إلى جانب أطراف خارجية وخدمة أهدافها بعيدا عن مصلحة الشعب الفلسطيني .
وبالعودة إلى التاريخ القريب للمغرب، وما واجهه المغاربة من تحالف استعماري فرنسي إسباني، وما خاضته المقاومة المسلحة المغربية ضده من معارك طيلة فترة احتلاله وعلى طول البلاد وعرضها، نجد أن المقاومة المسلحة المغربية قد نالها من ألسنة السوء ما نالها، وواجهت حينها دعاوى شبيهة بتلك التي تواجهها المقاومة الفلسطينية اليوم. ونجد أنفسنا، ونحن نقف على قبسات من ذلك التاريخ، نقرأ قول الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [البقرة: 118]
لذلكم، وقياما بالواجب الشرعي والأخلاقي والإنساني في نصرة المقاومة الفلسطينية وإسنادها علميا، تداعينا في مؤسسة محيط ومركز المقاصد للدراسات البحوث إلى تنظيم هذه الندوة العلمية، متخذين من تاريخ المقاومة المسلحة المغربية ورجالاتها، وجهود علماء المغرب في دفع الشبهات والمطاعن عنها، مدخلا لاستثارة ذاكرة المغاربة وتنشيطها رجاء تحصين وعيهم بحقيقة المعركة وأدواتها وآلياتها، وفضح استراتيجيات العدو ومخططاته، فوقع الاختيار على هذا الموضوع: “المقاومة المسلحة المغربية إسناد تاريخي للمقاومة الفلسطينية”، وتم اختيار محاوره لتغطي مناطق المغرب كلها، وانتخب لمعالجته باحثون متخصصون في التاريخ، نتقدم إليهم بأسمى عبارات الشكر والتقدير، لقبولهم الدعوة وتجشمهم متاعب البحث في الموضوع بالرغم من انشغالاتهم الكثيرة.
كما نشكركم أيها الكرام على حضوركم، ونرى فيه تقديرا للمؤسستين العلميتين المشرفتين على الندوة، ودعما لهما في سلوك هذا المسار العلمي والمنهجي الذي اخترناه لنصرة قضايا الأمة، فنسأل الله تعالى أن تحقق الندوة أهدافها العلمية؛ فَتَكون حفزاً لمساندي المقاومة، وقمعا للمشوشين عليها، وهداية للحيارى والضالين، وأن يبلغ صداها إلى أهل فلسطين، فتكون مواساة لهم وشدّاً لأزرهم، والحمد لله رب العالمين.
تعليق واحد
مدخل مؤطر لندوة علمية، هادفة وقاصدة تبليغَ رسالة مفادها أن استقلال الاوطان لا ينال الا بمقاومة العدوان وجهاد المحتلين الغاصبين، ومن دروس الندوة أن المثبطين والعملاء، وحماة الظلم والاستعمار من فاقدي الكرامة لم يخلُ منهم زمان. وأن العلماء الشرفاء كان لهم دور الريادة والقيادة.ومداخلات الندوة رسالة دعم وإسناد للمرابطين المنافحين عن فلسطين وأهلها، وبيت المقدس. شكر الله للهيئات المنظمة وللمحاضرين وتقبل اعمالهم.