بسم الله الرحمن الرحيم
تعميما للفائدة ننشر تقريرا مركزا لندوة مقاصد العبادات التي عقدت بالجديدة أيام 29-30 نونبر 2025 ، على أن نعود لنشر محاضراتها وتسجيلاتها لاحقا.
اليوم الأول: الأربعاء 29 أكتوبر 2025م
تتميما للدورة الأولى المتعلقة بمقاصد العبادات، ونظرا لأهمية موضوع مقاصدها، وما له من تجليات على العمران، تأتي هذه الدورة الثانية لتتوج ببحوثها هذا الموضوع، وتجلي بمزيد من البحث بعض جوانبه المهمة، لأجل ذلك عقدت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة في المغرب، الدورة الثانية تحت عنوان “مقاصد الفقه الإسلامي، الدورة الثانية: مقاصد العبادات“، نظمها كل من مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية التابع لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، ومختبر دراسات الفكر والمجتمع بالكلية سالفة الذكر، ومركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، يومي 6 و7 جمادى الأولى 1447ه/ الموافق 29 30 أكتوبر 2025م.
الكلمات الترحيبية للجهات المنظمة برئاسة الدكتور محمد موهوب
بعد استقبال المشاركين والترحيب بهم افتتحت الدورة بقراءة ما تيسر من الذكر الحكيم. ثم استهلت بكلمة نائب رئيس جامعة شعيب الدكالي بالجديدة الدكتور رشيد هلال، حيث رحب فيها بالأساتذة المشاركين والحضور، وشكر المنظمين والضيوف، كما أكد على أن الجامعة ما تزال تواصل ديناميتها ودورها الفعال في الانفتاح على قضايا العصر. ووقف أيضا على موضوع الدورة معتبرا أن له أهمية محورية جدا، لما يعالجه من قضايا ويثيره من إشكالات، مؤكدا على أن الفقه منظومة متطورة تنبني على المحافظة على الثوابت ومراعاة المتغيرات، بناء على الوسطية والعقلانية. ولم يفته أن يشيد بمهام اللجنة المنظمة، متمنيا أن تحقق الندوة ما ترجوه وتتوخاه.
وتلته كلمة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة الدكتور محمد يعو، وقد أشار فيها إلى أهمية هذه الدورة والسياق الذي جاءت فيه، اهتماما بمقاصد الفقه. وأبدى فيها سعادته بالحضور والمؤسسات المشاركة والمنظمة منوها بهذه المبادرة العلمية، من حيث الحاجة الماسة لإبراز هذه العبادات تحقيقا للمصالح العامة، وتزكية للنفس. ثم أشار إلى أهمية تعميق البحث في مقاصد العبادات، لكونه يفتح آفاقا جديدة، ويربطها بواقع الأمة. وختم كلمته بشكر جميع المؤسسات المنظمة والمشاركين والحضور.
وأعقبه رئيس مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن الأستاذ صالح شهسواري، حيث نقل تحيات مجلس مؤسسة الفرقان وعلى رأسهم رئيس المؤسسة الدكتور شرف أحمد زكي يماني، ورحب بكافة المشاركين والحضور في هذه الدورة العلمية التكوينية المباركة، التي نلتئم فيها للمرة الثانية منذ العام المنصرم كما قال. وأكد على أهمية الموضوع في حياة المسلمين والمؤمنين خاصة، ولكل إنسان بشكل عام.
ووقف الأستاذ صالح على أنه لئن كانت الدورة السابقة انصبت جُل بحوثها على تناول أركان الإسلام العبادية، فقد عقد العزم على أن تركز هذه الدورة في نسختها الثانية على بعض العبادات التي لم تلق حظا من المعالجة كالتي لها بعد نفسي واجتماعي. كما شكر الجهة المستظيفة جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وبالأخص كلية الآداب والعلوم الإنسانية المتمثلة في عميدها المحترم، كما شكر مختبر دراسات الفكر والمجتمع ومركز المقاصد، ولم يفته أن ينوه بالأستاذ محمد ادرويوش معتبرا إياه دينامو هذه الدورات بالرغم من غيابه لظروف صحية، وشكر أيضا كافة الأساتذة المشاركين والباحثين.
ومن جانبه قام الدكتور الحسين الموس عن مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط بتوجيه أطيب التحيات والمتمنيات للمنظمين لانعقاد هذه الدورة، ومرحبا بالمشاركين والضيوف أساتذة وباحثين. وأكد على أهمية ترسيخ هذا التقليد العلمي الذي استمر أكثر من عشر سنوات، مع مؤسسة الفرقان وإحدى الجامعات المغربية، وقد توجت اليوم بندوة دولية حول مقاصد العبادات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة المتمثلة في مختبر دراسات الفكر والمجتمع وشعبة الدراسات الإسلامية. ووقف الأستاذ الحسين على نجاح هذا المشروع العلمي الذي يعزز ثقتنا -على حد تعبيره- بهذه الشراكة العلمية، كما يحملنا مسؤولية تطويره نحو آفاق علمية أوسع قصد تحقيق المطلوب إن شاء الله تعالى. ولم يفته أن يؤكد على أهمية الموضوع الذي يحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب ومن أجل ذلك انعقدت هذه الدورة الثانية، لتُوسع البحث فيه وتُجليه. وختم كلمته بشكر كل المُسهمين في إنجاح هذه الدورات، من مؤسسات ولجان علمية وتنظيمية، ولم يفته الدعاء بالشفاء وتوجيه تنويه خاص للدكتور محمد ادريوش لما يسديه من أعمال مهمة رغم غيابه الاضطراري.
وتلاه بالكلمة رئيس شعبة الدراسات الإسلامية الدكتور فؤاد بلمودن شاكرا المؤسسات المنظمة ومرحبا بالأساتذة المشاركين والحضور، ومقدرا جهودهم العلمية وما بذلوه من تضحيات من أجل إنجاح هذه الدورة. كما وقف على أهمية موضوع الدورة حول مقاصد العبادات معتبرا إياه مشروعا علميا جادا، يخدم العلوم الشرعية، ومؤكدا على أهمية هذه الدورات في تكوين الطلبة والباحثين، متمنيا التوفيق للجميع.
ومن بعده جاءت كلمة رئيس مختبر دراسات الفكر والمجتمع الدكتور عبد المجيد بوشبكة، حيث شكر المؤسسات المنظمة والداعمة، ورحب أيضا بالمشاركين والضيوف، كما شكر رئيس المؤسسة الدكتور شرف أحمد زكي يماني على هذا التوجه الحكيم لهذه المؤسسة العريقة في خدمة العلم. ووقف الأستاذ بوشبكة على حسن الاختيار لهذا الموضوع المهم وهو مقاصد العبادات ليستفيد منه المخصون والباحثون، باعتبار العبادات تمثل روح الدين الإسلامي.
المحاضرة الافتتاحية رئيس الجلسة صالح شهسواري
بعد إلقاء كلمات الجهات المنظمة قام الدكتور العلامة أحمد الريسوني بإلقاء محاضرة افتتاحية لهذه الدورة، وقد اختار لها عنوان (العبادات بين الوازع الدياني والوازع السلطاني)، وقد انصبت على بيان الفرق بينهما، مؤكدا أن لا مدخل للسلطان في العبادات بمعناها الخاص. كما وقف على قاعدة (لا دخل للحاكم في العبادات).
وبعده الكلمات والمحاضرة أقيم حفل شاي على شرف المشاركين والضيوف.
الجلسة الأولى برئاسة الدكتور الحسان شهيد
انطلقت هذه الجلسة الأولى برئاسة الدكتور الحسان شهيد، فألقى فيها الدكتور إسماعيل الحفيان بحثه الموسوم بـ(أصول النظر المقاصدي لتسديد الاجتهاد المعاصر في باب العبادات) وقد بناه على مقدمة ومبحثين، حيث تناول في المقدمة أهمية البحث وأن الأصلَ في عبادة المسلم، وفي كل الشرائع هو الاستقرارُ والثباتُ، غير أن هناك مستجدات ونوازل تحدث للإنسان في عبادته مما يستوجب إعمال النظر المقاصدي. وفي المبحث الأول تطرق إلى الكليات المعرفية الناظمة للبحث. وقد قسمه إلى ثلاثة مطالب: المطلب الأول حول النظر المقاصدي: الدلالة اللغوية والحقيقة الشرعية. والمطلب الثاني انصب على بيان الاجتهاد المعاصر: المقصود به، سماته التشريعية، أمثلته وشواهده. والمطلب الثالث تناول العبادات: الحقيقة اللغوية والشرعية، والأبعاد المقاصدية.
أما المبحث الثاني فقد عكف فيه على بيان النسق المقاصدي لتسديد الاجتهاد المعاصر في باب العبادات. وقد قسمه إلى مطلبين، تناول في الأول منهما دواعي البحث في تسديد النظر المقاصدي المعاصر في باب العبادات. وفي الثاني ذكر مجموعة من الأصول العامة للنظر المقاصدي المعاصر في باب العبادات. وقد حصرها في سبعة أصول. وختم بحثه بأهم الخلاصات والتوصيات التي انتهى إليها في بحثه.
وقد عقب عليه الدكتور محمد همام عبد الرحيم ملحم، مبرزا أهم ما تميز به الباحث من دقة في التمثيل لإعمال الأصول التي استحضرها، من خلال عرضٍ متنوعٍ لجملةٍ من الفتاوى المعاصرة في أبواب العبادات، جاءت شاهدةً على سَعة اطلاعه وحُسن تنزيله للمقاصد على الوقائع. ومنوها بالجديد الذي جاء في البحث كإيراده بعض الأمثلة التطبيقية. ولم يفت الأستاذ همام أن يورد بعض الإيرادات على البحث من ذلك أن هناك نوعًا من الخلط بين أصول تسديد النظر المقاصدي المعاصر في العبادات وبين شروط المجتهد أو المفتي في مستجدات العبادات. وقد رأى أن يُقسم الباحث الأصول التي أوردها مع إضافة أصول أخرى إلى قسمين، وهما: أ. شروط المجته د أو المفتي المعاصر في نوازل العبادات. ب. قواع د تسدي د الاجتهاد المعاصر في باب العبادات.
ثم تلاه من بعده بحث الدكتور رشيد لخضر الموسوم بـ(المقاصد الشرعية من النيابة في العبادات: دراسة تأصيلية تطبيقية)، فبين أهمية بحثه في مقدمته مركزا على أن الإسلام دين الرحمة، من تجلياتها أنه يراعي قدرات المكلفين في تشريعاته، من هنا جاءت أهمية الحديث عن المقاصد الشرعية من النيابة في العبادات.
وقد تناول الدكتور لخضر بحثه في ثلاثة مباحث، تتضمن مطالب، فخص المبحث الأول بمفهوم النيابة وعلاقتها بالألفاظ ذات الصلة، فأتحدث في مطالبه عن مفهوم النيابة لغة واصطلاحا، والألفاظ ذات الصلة بها. وأما ـ المبحث الثاني فتحدث فيه عن تأصيل مشروعية النيابة وأنواعها في العبادات ومشروعيتها، كما تطرق إلى ” الأصل في العبادات امتناع النيابة” والمستثنى منها. وأما المبحث الثالث فعكف فيه على بيان المقاصد الشرعية للنيابة ونماذجها التطبيقية في العبادات. ثم ختم بحثه بأهم نتائج البحث.
وبعده شرع الدكتور هشام تهتاه في التعقيب عليه منوها بالجدة التي رام الباحث إليه، والمتمثلة وجوهها في جمع بعض ما تفرق من الأحكام الشرعية المتعلقة بالنيابة في العبادات أولا، وثانيها: بيان أنواع العبادات التي تصح النيابة فيها، وثالثها، وهو المقصود الأعظم، تنبيه العقول إلى المقاصد الشرعية للنيابة في أنواعٍ من العبادات.
كما عمل المعقب على إيراد بعض الإضافات التي ارتأى أن الباحث لم يستوفيها من ذلك أن النيابة في العبادات في الفقه الإسلامي قضية كلية، تفتقر إلى دراسة علمية موسعة، عساها تكشف عن الأنساق الكلية الناظمة لمسائلها الجزئية، مع بيان أسبابها وشروطها ومقاصدها.
وقد ختمت هذه الجلسة بفتح باب المناقشة واستراحة للغداء وصلاة الظهر.

الجلسة الثانية برئاسة عبد الكبير حميدي
وقد تناول فيها الدكتور البشير القنديلي موضوعه حول (التعبد بتلاوة القرآن: دراسة في مقاصد التدبر)، عرض في مقدمته للمقصد الأعظم من إنزال القرآن الكريم، وهو إصلاح أحوال الناس أفرادا وجماعاتٍ في العاجل والآجل معا. وأكد على أن التلاوة في حد ذاتها للقرآن عبادة، ولكي تتعدى هذه العبادة، وترتقي من حدها الأدنى إلى غايتها المرجوة ومقاصدها المرعية؛ كان لا بد لها من أن تُثمر تدبرا وتفكرا.
وقد قسم الأستاذ قنديلي بحثه إلى أربعة مباحث، فقد خص المبحث الأول بالدراسة المفاهيمية، تناول في المطلب الأول مفهوم تلاوة القرآن، ومعنى التعبد بها. والمطلب الثاني في معنى مقاصد التدبر. وأما المبحث الثاني فيتناول بيان الحاجة الماسة إلى تدبر القرآن الكريم باعتباره من مطالب الشارع الحكيم إلى المكلفين. وهو بنفسه انقسم إلى مطلبين: الأول خصه بالحديث عن آيات التدبر: تتبع واستقراء وبيان. والثاني تحدث فيه عن حكم التدبر ضمن أقسام الحكم التكليفي. وأما المبحث الثالث فتطرق في مطالبه الخمسة إلى بعض مقاصد التدبر. فذكر في المطلب الأول مقصد تعظيم الكتاب العزيز وتبويؤه مكانته اللائقة به. وطفق في المطلب الثاني يتحدث عن مقصد استشعار الرقابة الإلهية باستمرار، وتذوق لذة الأنس بالله تعالى. وتحدث في المطلب الثالث عن مقصد تجلِّي ثمرات العقيدة، واستشعار مقاصدها، ومنها اليوم الآخر ومتعلقاته. وتناول في المطلب الرابع مقصد انكشاف كليات الشريعة وضرورياتها المرعية. وعرض في المطلب الخامس لمقصد أخذ القرآن جملة دون تبعيض.
وأما المبحث الرابع فقد عرج على بعض الفوائد التي يمكن اجتناؤها من التحقق بمقاصد التدبر، واستصحابها على الدوام، من خلال، وذلك من خلال مطلبين، الأول بين فيه فوائد التحقق بمقاصد التدبر. والثاني تناول فيه أثر التلاوة الدائمة للقرآن في تحقيق مقاصد التدبر. وختم بحثه بخلاصة مجملة لما ورد مفصلا في ثناياه؛ تضمنتْ خلاصات وتوصيات.
وقد عقب على بحثه الدكتور عبد الرحمن السايب منوها بالبحث ومبرزا أهميته وجدته، كما وقف على بعض الملحوظات التي رأى أن الباحث لم يستوفيها من ذلك لفظ الحفظ الذي في أكثر من موضع في سياقات متباينة وبمعان غير واضحة، من نحو قول فضيلة الأستاذ قنديلي:” أخذ الآي حفظا ورسما وضبطا “، وفي موضع آخر:” حفظا وأداء وتدبرا وإعمالا وتنزيلا “، فما المراد بلفظ الحفظ؟. ناهيك عن بعض الملحوظات اللغوية والمفاهيمية.
وجاء بعده الدكتور مراد زهوي الذي عرض بحثه الموسوم بـ(تدبر القرآن الكريم وأثره في تحقيق الأمن النفسي: مقاربة مقاصدية)، في مقدمة وثلاثة مباحث رئيسة، أدرج فيها مطالب فرعية، لتستوفي عناصر المباحث. فتطرق في المبحث الأول إلى مفهوم تدبر القرآن الكريم، ومفهوم الأمن النفسي. وتناول في المبحث الثاني أزمة الأمن النفسي المعاصر بين حقيقة النفس في القرآن الكريم وسؤال المعنى. وأما المبحث الثالث، فبين فيه مقصدية تدبر القرآن الكريم وأثرها في تحقيق الأمن النفسي. ومن خلالها وقف على مسألة تدبر القرآن بين مقصد التيسير ومقصد التجديد، انطلاقا من مقصد التزكية.
ثم ختم الأستاذ زهوي بحثه بالحديث عن معاناة الإنسان المعاصر من أزمة النفس واللا معنى، كما أكد على ضرورة تجديد مناهج التعامل مع القرآن الكريم بما يعيد له وظائفه التربوية، بناء على أهمية التدبر باعتباره منهجا قرآنيا أصيلا ومتكاملا، في إطار قراءة الوحي والكون لحل الأزمات النفسية.
وقد عقب على بحثه الدكتور الحسين الموس معرجا على معنى التدبر الذي خاض في معناه الباحث، ورأى أن الحكم الشرعي للتدبر يحتاج إلى عرض الآيات الدالة عليه، والوقوف عند أقوال المفسرين فيها، ثم الاستنجاد بأقوال فقهاء المذاهب في الموضوع. وقد أفاض الأستاذ الموس في تعقيبه في بيان أثر تدبر القرآن على الأمن النفسي مقارنا بما وصلت إليه الدراسات الغربية في علم النفس.
وتلاه بحث الدكتور فؤاد بلمودن الموسوم بـ(الشورى بين المقاصد الشرعية والتعبدية والتصورات الفكرية والإجرائية المعاصرة)، وقد استهله بمقدمة نص فيها على أن الشورى مبدأ إسلامي أصيل، وأنها من العبادات الجليلة القدر، التي امتثلها النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل بها صحابته الكرام رضوان الله عليهم.
ثم قسم الأستاذ بلمودن بحثه إلى ثلاثة محاور، تناول في المحور الأول مفهوم الشورى ومكانتها في الإسلام، عارضا لجملة من التعريفات ومنتقدا ومرجحا في الآن نفسه. وتطرق في المحور الثاني المقاصد التعبدية والشرعية للشورى، وذكر منها المقصد التعبدي، ومقصد الاجتهاد واستفراغ الوسع، نظر لإعمال الفكر والاجتهاد لاستخلاص الرأي الصائب، ومقصد منع الاستبداد بالرأي والطغيان، ومقصد وحدة الأمة واجتماع الكلمة. كما بين في المحور الثالث الشورى من النظر الفقهي إلى التصورات الفكرية والإجرائية المعاصرة، وفيه عرج على بيان كون الشورى تعتبر قاعدة نظام الحكم في الإسلام أكثر وضوحا. ثم أتى على ما يمكن أن تدخله الشورى من مجالات معاصرة. ثم ختم بحثه بذكر أهم النتائج والخلاصات.
وقد عقب على بحثه الدكتور عبد الرحمن العمراني، مظهرا أهمية البحث لارتباطه بموضوع الدورة وكون الباحث قد أجاد في بحثه بالوقوف على أهم مقاصد الشورى. كما وقف الأستاذ العمراني على بعض الملحوظات من حيث المضمون والمنهجية. ولم يفته أن يعرج على بعض الاستدراكات والتصويبات اللغوية.
وقد انتهت هذه الجلسة بالمناقشة
اليوم الثاني: الخميس 30 أكتوبر 2025
الجلسة الثالثة برئاسة عبد المجيد بوشبكة.
وقد افتتحت هذه الجلسة ببحث وأردف بعد ذلك ببحث الدكتور الحسان شهيد، الموسوم بـ(مقاصد عبادة تعمير الأرض)، وقد بناه على مقدمة وأربعة مباحث، فبسط الكلام في المقدمة عن أهمية عبادة ومقصد عمارة الأرض في الشريعة الإسلامية، وأن ذلك من أجل العبادات. ثم طفق في تناول المباحث، فخص المبحث الأول بالتعمير والعمران والعمارة، في المفهوم والصلة، وهنا أتى الباحث على معنى عمر ومشتقاته في القرآن الكريم، ثم تحدث بعد ذلك عن مفهوم العمران في الاصطلاح، كما لم يفته أن يقف على معنى العمارة والفرق بين جكل هذه المصطلحات. أما المبحث الثاني فتناول فيه التعمير بين الوسيلية والمقصدية، حيث تحدث عن علاقة الوسائل بالمقاصد، وأن وسيلة المقصود تابعة للمقصود، ليخلص من خلال ذلك إلى إن التعمير وسيلة إلى تحقيق مقصد العبادة الفضلى. وأما المبحث الثالث: مقتضيات تعمير الأرض، من ذلك أنه تعمير توحيدي، وتعمير استخلافي، تعمير تفكّري، وتعمير إصلاحي، وتعمير إحيائي. وأما المبحث الرابع فتطرق فيه إلى مقاصد تعمير الأرض، فتحدث عن مقصد التعمير التوحيدي من جهة الوجود والعدم، ومقصد التعمير الاستخلافي، ثم أفاض بالحديث عن مقصد التعمير التفكري. ثم ختم الأستاذ الحسان بحثه بذكر أهم النتائج والتوصيات.
وقد عقب على بحثه الدكتور مصطفى قرطاح مشيدا بالبحث وبصاحبه، وهو كما قال: نموذج جيد للدراسات العلمية التي رُصِدَتْ لهذا الشأن، أَعَدَّهُ باحث حصيف متمرس. وقد ترجم لهذا التعقيب بعنوان: “لا نظام للدين إلا بنظام الدنيا” متوسلا أن يكون عنواناً معبراً بصيغة أخرى عن الأهمية البالغة لمقصد التعمير في الأرض. كما وقف على قضية الاهتداء بالشريعة في تأسيس العمران.
ثم أردف بعد ذلك ببحث الدكتور محمد ابراهمي حول (موقع عمارة الأرض من مقصد التعبد نحو رؤية تكاملية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية)، وقد ركز في مقدمته على التركيز على أهمية الجمع بين البعد المادي للعمارة والتنمية والبعدين الروحي والأخلاقي. كما تطرق فيها إلى الإشكاليات المعاصرة في فصل التنمية المادية عن القيم الدينية، وتُقدم مقاربة تحث على التنمية التي تدمج الإنسان والبيئة والاقتصاد ضمن منظومة قيمية متكاملة.
وقد تناول في بحثه قضية العمارة في الإسلام: بين التعبد والاستخلاف، حيث تطرق من خلالها إلى تحليل المفاهيم الرئيسية للبحث (العمارة والإعمار والعمران والتعمير). كما وقف على مسائل مهمة منها: عمارة الأرض امتثال لأمر الله، والاستخلاف تكليف لا تشريف، ووظيفة الإعمار في ميزان التعبد، وأثر القيم الأخلاقية في عمارة الأرض.
وقد وقف الأستاذ ابراهمي على أهمية التنمية الشاملة في ضوء مقاصد الشريعة مقارنة مع الرؤى الفلسفية المعاصرة، مجليا في ذلك مفهوم التنمية في المنظور الإسلامي، ومركزية الإنسان في التنمية والعبادة. وقد ختم الأستاذ ابراهمي بحثهبأن موقع عمارة الأرض في الإسلام متجذر في مقصد التعبد، وأن هذا المفهوم المتكامل يعطي بعدا قيميا وروحيا لأي مشروع تنموي أو حضاري. وقد عقب على بحثه الدكتور محمد موهوب
وقام من بعده الدكتور عبد الكبير حميدي ببحث حول (عبادة “الشورى” في الإسلام: أبعادها ومقاصدها)، استهله بمقدمة زكز فيها على أهمية عبادة الشورى ومنزلتها الرفيعة في الإسلام، فهي ليست مجرد وسيلة لتحقيق التوافق السياسي، ولا مجرد آلية لإدارة شؤون المجتمع، ولا أداة لاتخاذ القرارات فحسب، وإنما هي عبادة عظيمة يتقرب بها إلى الله، إذا مورست بنية تحقيق العدل والصالح العام. فهي ركن أساسي في نظام الحكم الإسلامي، وأسلوب حياة للمسلمين في شتى شؤونهم الدينية والدنيوية.
وقد قسم الأستاذ حميدي بحثه إلى خمسة مباحث، تناول في المبحث الأول: عبادة الشورى في الإسلام، فبين مفهومها، وأبعادها، ومجالاتها. أما المبحث الثاني فانصب على التأصيل الشرعي لعبادة الشورى من القرآن والسنة واجتهادات علماء الأمة. وأما المبحث الثالث، فطاف فيها على ذكر المقاصد الشرعية المنصوصة والاجتهادية لعبادة الشورى في الإسلام، فذكر منها: تحقيق العدل والمصلحة العامة، وتفعيل مبدأ التزكية الجماعية للعقول، وتربية الأمة على المشاركة والتكامل، وإشاعة روح المسؤولية في الأمة…وأما المبحث الرابع، فخصه بالأبعاد الحضارية لمقاصد الشورى في حياة الأمة، من ترسيخ مبدأ المشاركة الجماعية، وبناء الوعي السياسي والمدني، ومنع الاستبداد، وتفكيك ثقافة التسلط، تعزيز الوحدة والتماسك المجتمعي. وأما المبحث الخامس فقام فيه ببيان طرق تفعيل عبادة الشورى، وسبل تحقيق مقاصدها في حياة الفرد والأسرة والأمة.
ثم ختم بحثه بخلاصة مقاصدية لعبادة الشورى مع ذكر بعض التوصيات.
وقد قام بالتعقيب عليه الدكتور علي زروقي، حيث نوه بما بذله الباحث حميدي فيه من جهد محمود، من أجل تسليط الضوء على موضوع هام، ينتمي حسب التصنيف الحديث للعلوم إلى مجال السياسة. ولم يفته أن يوجه نقدا للباحث من ذلك كونه لم يقم بتحليل التعريفات مع الاعتماد على المعاجم الاصطلاحية، وكذا البحث عن التأصيل من خلال الكتاب والسنة بدل إيراد كلام العلماء.
وبعد ذلك فتحت المناقشة

الجلسة الرابعة برئاسة الدكتور مصطفى قرطاح
وقد افتتحت هذه الجلسة ببحث الدكتور محمد عوام، الذي اختار له عنوان (مقصد عبادة التفكر والنظر)، وقد بناه على مقدمة أتى فيها على بيان أهمية الموضوع الذي يمتح من الآيات الكريمات الداعية إلى إعمال النظر والتفكر. ثم ألمع إلى أن مثل هذه العبادات لم تحظ باهتمام كبير، مثلما حظيت به العبادات الخاصة.
كما بناه أيضا على ثلاثة مباحث، انصب الأول منها على تحليل مصطلحات البحث: التفكر والنظر لغة واصطلاحا، مع الإلماع إلى مرادفاتهما. أما المبحث الثاني فقد اهتم بذكر الأدلة الشرعية على تأصيل هذه العبادة. وأما المبحث الثالث وهو لباب البحث فقد بسط الكلام عن مقاصد عبادة التفكر والنظر، فتفرع بذلك إلى مطالب، تبين هذه المقاصد، من ذلك: مقصد إثبات وجود الله تعالى والتعرف عليه وإثبات وحدانيته، من خلال الموجودات والمخترعات، والمقاصد التربوية والتزكوية لعبادة التفكر والنظر. ومقصد تحقيق العمران وبنائه. وهنا يتجلى الربط بين مقصدين: مقصد عبادة التفكر وما ينطوي عليها من ثمرة تحقيق مقصد العمران المطلوب شرعا. ومقصد بناء التفكير العلمي والعقل الاستدلالي والبحثي المبني على الاستدلال والبرهان. فنكون بذلك أمام عبادة تؤسس للمنهج العلمي البرهاني، فتشكل بذلك عقل المسلم، فيصبح عقلا لا يقبل ولا يدع ويرفض إلا بناء على الحجة والبرهان النابع من التفكير.
وختم الدكتور عوام بحثه: بتدوين أهم النتائج مع بعض التوصيات.
وقد عقب على بحثه الدكتور حسن حما منوها بالبحث وصاحبه، وقد جاء في تكامل بين الأسلوب والتحليل والمنهج، وهي كل خصائص منهجية، سمحت له بتقديم رؤية مستوعبة لـكتب ونصوص من مرجعيات وحقول معرفية مختلفة. كما وقف الأستاذ حما على أوجه التجديد في البحث. على أنه كذلك أبرز بعض الإضافات والانتقادات المفيدة.
ثم قدم بعده الدكتور عبد النور بزا بحثه حول (عبادة العمل الخيري: مقاصدها ووسائلها)، حيث مهد له بمقدمة انصبت على بيان مقاصد عبادة العمل الخيري ووسائل تفعيلها. واعتبر العمل الخيري من التصرفات التعبدية الاجتماعية.
وقد جعل الأستاذ عبد النور بزا بحثه في ثلاثة مباحث، تناول في المبحث الأول مصطلحات عنوان البحث، وقد فرعه إلى مطلبين، الأول حول ماهية العبادة. والثاني خصه بماهية العمل. والثالث تطرق فيه إلى ماهية الخير. والرابع تحدث فيه عن ماهية المقاصد. والخامس بين فيه ماهية الوسائل. والسادس وضح مقصوده من العنوان بمجموعه، وهو ماهية عبادة العمل الخيري بمقاصده ووسائله.
أما المبحث الثاني فعكف فيه على بيان مقاصد عبادة العمل الخيري، فانقسم عنده إلى عدة مطالب، فجاء الأول منها عن مقصد التعبد وتزكية النفس بالعمل الخيري. والثاني حول مقصد تحقيق التكافل الاجتماعي الإنساني. والثالث عن مقصد حفظ الأمن العام.
وأما المبحث الثالث فتطرق فيه الدكتور بزا إلى وسائل عبادة العمل الخيري، وقد ذكر منها: إنشاء العمل الخيري المنظم، وتمويل العمل الخيري، وإشهار العمل الخيري، وتأسيس العمل الخيري المتخصص، ودعم الدولة للعمل الخيري. ثم ختم بحثه بأن مقصود الشارع من العمل الخيري هو إقامة مصالح الضعفاء من الناس، ولم يفته أن يردف ذلك ببعض التوصيات.
وقد عقبت على بحثه الدكتورة سعيدة ازكاغن مؤكدة أن البحث يشكّل إضافة علمية نوعية، فقد وفق الباحث في تقديم رؤية متكاملة تربط بين الأحكام الشرعية والمقاصد الكبرى للشريعة في معالجة العمل الخيري. ومما وقفت عليه الأستاذة المعقبة أنه كان الأَوْلى بالباحث أ ن يستخدم كلا من المعنيين العام والخاص في تعريف كل من المقاصد والوسائل. كما وقفت على مبدأ أساسي وهو ضرورة ربط البعد الروحي للعمل الخيري – باعتباره عبادةً وتزكيةً للنفس – بـ البعد الاجتماعي والوظيفي والتنموي، وهو ما أفاض فيه الباحث بزا. ولم يفت المعقبة أن توجه بعض الإضافات والانتقادات للباحث تتوخى من ذلك التجديد والتطوير.
وأردف بعد ذلك ببحث الدكتور إبراهيم البيومي غانم، الذي قرأه الدكتور عبد المجيد بوشبكة بالنيابة عنه، وقد اختار له عنوان (مقاصد الشريعة في عبادة الوقف)، وقد استهل مقدمته بالحديث عن ارتباط نشأة مؤسسة الوقف بنشأة المجتمع الإسلامي. ثم توسعت وتوالت عبر القرون الأولى من تاريخ الحضارة الإسلامية حتى غطت الجوانب الدينية، والاجتماعية، والتعليمية، والصحية، والدفاعية، والترفيهية.
وقد قسم الأستاذ بيومي غانم بحثه إلى ثلاثة عناصر، تطرق في الأول إلى عبادة الوقف والتأصيل الشرعي للمقاصد، مستندا في ذلك إلى تأصيلات الفقهاء المبنية على أدلة كثيرة من القرآن والأحاديث النبوية، والإجماع. وفي الثاني تناول ضبط شروط الواقفين بمقاصد الشريعة، وقد أفاض في توضيح القاعدة التي تقول إن ” شرط الواقف كنص الشارع”، وذكر انتقاد الفقهاء لمن أساء فهمها، فحملها على خلاف مراد الشارع. فهي مضبوطة بقصد الشارع من شروط الواقف. وفي الثالثا حيث بين إسهام عبادة الوقف في تحقيق مقاصد الشريعة، فاستوعبت بذلك مجالات كثيرة، كما وأتى على أثر الوقف في حفظ الضروريات الخمس (الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال). ثم ختم بحثه بذكر أهم نتائجه وعلى رأسها تأثير مقاصد الوقف في تحويله إلى مشروعات اجتماعية على حد قول الباحث.
وجاء بعده بحث الدكتور عثمان كضوار الذي اختار له عنوان (مقاصد عبادة التكافل الاجتماعي)، حيث بين في مقدمته أهمية هذه عبادة التكافل الاجتماعي، من حيث تحقيقها التنزيل الفعلي للإيمان من جهة، وأن العبادة الحقة المرتبطة أساسا بعمارة الأرض بما ينفع الناس.
وقد جعل بحثه في مبحثين، يتضمنان مطالب، فخص المبحث الأول بالدراسة المفاهيمية والتأصيلية، تناول فيها مفهوم التكافل الاجتماعي، وضمائهما لفظا ومعنى، كالتعاون والتضامن والتآزر. ثم عرج على التأصيل الشرعي.
وأما المبحث الثاني، فعقده للأبعاد المقاصدية للتكافل الاجتماعي، فوقف من خلاله على المقاصد التعبدية والتربوية، والمقاصد الاجتماعية والاقتصادية، والمقاصد الأممية والحضارية. ثم ختم بحثه بأهم الخلاصات والتوصيات. وقد عقب عليه الدكتور رشيد لعزيز.
الجلسة الختامية برئاسة الدكتور الحسين الموس
وقد تحدث فيها الأستاذ صالح شهسواري مدير مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي مؤكدا على عقد العزم على مواصلة مشوار البحث والدرس المقاصدي بموضوعات أخرى إن شاء الله تعالى، مشيرا إلى أن هذه الدورة الثانية قد أثارت موضوعات لا تقل أهمية عن سابقتها، كما بين أنه لا يمكن الزعم الإلمام بكل أطراف الحديث، وليس هذا من مقصد هذه الدورات، والإحاطة بذلك من الصعوبة بمكان، وإنما رسالة هذه الدورات تكمن في إثارة هذه الموضوعات، لتحريك هذه المياه من أجل تشجيع الباحثين لكي يواكبوا ويواصلوا هذا المشوار.
وقام من بعده الدكتور أحمد كافي بقراءة التوصيات، التي يمكن أن تكون موضوعات بحوث علمية أو دورات علمية في علم المقاصد.
وتناول الكلمة من بعده رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بالجديدة الدكتور فؤاد بلمودن حيث قام بالتعبير عن خالص الشكر والامتنان للهيئات والجهات المنظمة لهذه الفعالية العلمية المتميزة، كما شكر الأساتذة المشاركين وسائر الطلبة والباحثين الحاضرين.
وتلاه الدكتور عبد المجيد بوشبكة رئيس مختبر دراسات الفكر والمجتمع شاكرا كل الجهات المنظمة، مؤسسة الفرقان، ومركز المقاصد، ورئاسة الجامعة والعمادة، وملتمسا من الباحثين تفعيل كل القضايا التي تم تناولها والإشارة إليها.
وأعقبه الدكتور مصطفى قرطاح عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث بكلمة مفعمة بالحمد لله تعالى، وبالشكر والامتنان، للمؤسسات المنظمة وكافة الأساتذة والطلبة، الذين أسهموا في نجاح هذه الدورة، مما يستدعي تفعيل معيار الجدية والجدة والجدوى والفاعلية في البحث العلمي، ولم يفته أن يؤكد على تعزيز الشراكة بين مركز المقاصد ومؤسسة الفرقان من أجل البحث العلمي وبناء العمران.
وختمت هذه الجلسة الختامية بصورة جماعية للمشاركين وحفل شاي مع الدعاء والتوفيق.
والحمد لله رب العلمين


تعليق واحد
تقرير جامع استوفى مُعدُّه مشكورا خطوات الدورة من بدايتها الى ختامها، وتتبع حفظه الله مضامين المحاضرات والتععيبات بالتلخيص المفيد المقرب لمضامينها، وهذا النمط من التقارير يجد فيه ضالته الحاضر المتتبع لمجريات الدورة، والغائب عنها، فيحاطُ خُبرا بالمحتوى العلمي والمجريات التنظيمية. ومن إفادات التقرير أنه وصفي تركيبي، يقرب الماجريات والمضامين دون إبداء للرأي ولا مناقشة للمحتوى، وهي من سمات التقارير المحكمة. ولا ينقص من قيمة التقرير بعض الهفوات الناجمة عن سرعة الرقن…
ومن مستفادات التقرير أن يقف القارئ المهتم على التميز الملحوظ في في اختيار موضوعات الدورتين المترادفتين المتكاملتين، فإتباع دورة مقاصد العبادات المحضة للعام الماضي، بدورة العبادات بمفهومها الشامل، يلفت نظر الدارسين والباحثين إلى خاصية مهمة وهي شمول الشريعة واستيعابها، وجريانها مجرى الملازم لحركات الانسان وسكناته، في علاقته المباشرة بربه، وعلاقته بالناس من حوله، وعلاقته بمحيطه، كل ذلك في تناغم وانسجام يُشعر المكلف بأنه إزاء نظام مستوحى من تنزيل من حكيم حميد يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. شكر الله لكل من أسهم في هذا الخير العميم، والحمد لله الذي بنعناه تتم الصالحات.