صدر – بحمد الله – عن مركز المقاصد في المملكة المغربية، ودار وسم بإسطنبول كتاب: ” الترجيح بالمقاصد وأثره في الفقه عند المالكية ( دراسة نظرية تطبيقية)” لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد علي بلاعو. والكتاب هو الثاني عشر ضمن سلسلة دراسات التي دأب المركز على إصدارها.

إن الاهتمام بعلم مقاصد الشريعة في عصرنا هذا، شهد تطورا ملموسا، ونموا ملحوظا، وتجددا ماتعا، حتى أصبح عصرنا هذا عصر المقاصد، وما ذلك إلا من جراء الدراسات التي خاضت غمار المقاصد، واتسعت حتى شملت مجالات واسعة، وقضايا كثيرة، إذ ما من مجال إلا وتنوول بالدراسة المقاصدية، سواء المجال الأسري، أو الاقتصادي والمالي، أو العقدي، أو السياسي والاجتماعي،…إلخ.
غير أن الدراسات المقاصد لم تقتصر على تلكم المجالات فحسب، وإنما طفقت تبحث -أيضا- في القواعد المقاصدية ذاتها، فأفردتها بالتأليف، والتحقيق والتمحيص، فأخرجت لنا بذلك قواعد- كانت مبددة في مصنفات الكتب الفقهية وغيرها- نافعة، ودررا ماتعة، ونجوما لامعة، يهتدي بها الباحثون اليوم، ويبنون عليها ويحررون، ويدققون ويحققون، فكانت بذلك عونا لهم في دراسة مستجدات العصر وقضاياه، وحل نوازله وإشكالاته.
وعلى هذا المهيع المنيف سار هذا البحث الموسوم بـ(الترجيح بالمقاصد وأثره في الفقه عند المالكية دراسة نظرية تطبيقية) للدكتور محمد بلاعو حفظه الله، فهو بحث فريد في بابه، عجيب في تناوله، وذلك لأمرين مهمين:
أولهما: أنه أبرز هذا النوع من الترجيح، الذي يكاد يكون منعدما لضموره وخفوته في بطون المصنفات الأصولية، أو حتى التي تناولت المقاصد، إذ لم يأخذ حظه من المعالجة والبيان.
وثانيهما: أنه أفرده بالتأليف، فجمع فيه دررا من قواعد الترجيح بالمقاصد، وعطف عليها مسائل تطبيقية من المذهب المالكي، فجمع بذلك بين النظرية والتطبيق، والمدارسة والممارسة، حتى تكون قواعد الترجيح بالمقاصد مبينة حق البيان، وجلية واضحة مثل النهار.
أما كون الباحث قصر ذلك على المذهب المالكي دون سواه من المذاهب الأخرى، فيشفع له ذلك، أن المذهب المالكي من أغزر المذاهب توسعا في المقاصد، وأعمقها غوصا بحثا عنها. فالمذهب المالكي مذهب اشتهر بالمقاصد، وعلماؤه من المبرزين فيها، فلهم بذلك إبداع قل نظيره عند غيرهم من المذاهب، وكلا وعد الله الحسنى.
من هنا تظهر أهمية هذا البحث، فهو ليس على غرار البحوث، التي قد يصدق عليها المثل: أسمع جعجعة، ولا أرى طحينا، وإنما هو يمتح من روح المقاصد وأصولها، وقواعدها وضوابطها، ليبني لنا نظرية قائمة وهي الترجيح بالمقاصد، على اعتبار أن المقاصد أرواح الأعمال، -كما قال الإمام الشاطبي- وهي كذلك روح الترجيح ولبابه.
فهنيئا للباحثين بهذا العلق النفيس، والمعدن الأصيل، عسى أن يبنوا عليه، ويوسعوا البحث في هذا المجال، وشكر الله الباحث على ما قدم، ونفع به، والحمد لله رب العالمين.
تعليق واحد
الترجيح بالمقاصد من الموضوعات المهمة، والحاجة اليه ماسة في الدراسات الفقهية المعاصرة، بسبب طبيعة النوازل المستجدة، وتشابك خيوطها، وندرة التنصيص المباشر على كثير من تفاصيلها وجزئياتها، ولذلك كان ضبط الدرس المقاصدي ضبطا رصينا مُعينا ومسعفا للفقيه في الاستنباط اولا والترجيح ثانيا. شكر الله للباحث، وجزى الله خيرا محرر الملخص….والشكر موصول لمركز المقاصد على اهتمامه بهذه الموضوعات الجادة